أدوات الوصول

Skip to main content

رئيس مجلس الإدارة Archives

Blog Categories: رئيس مجلس الإدارة

Blogs by Chairman

المسؤولية الوطنية في أصعب أحوالها

قد يعتقد بعضهم أن الرسائل الكبيرة تحتاج إلى بيانات مطولة وصياغات رسمية معقدة، لكن تجربتي أثبتت أن أبسط رسالة يمكن أن تحرك المئات، وتؤثر في العشرات، وتصرف بسببها مئات الآلاف. في لحظة فارقة وجدنا أنفسنا أمام حقيقة لا مفر منها: المسؤولية الوطنية في أصعب أحوالها.

يعلم معظم سكان العاصمة طرابلس ما جرى في 12 و13 مايو 2025، وما أسميها أيّام مايو العصيبة، كانت أيامًا ثقيلة غير مسبوقة في تاريخ المدينة الحديث، فقد توقفت الحياة توقفًا شبه كامل، وتعرضت العاصمة لدمار واسع النطاق. لم يسلم معرض ليبيا بيلد من الانهيار، ولم تنجُ المباني الكبرى من الضربات، فقد أصيب فندق كورنثيا إصابة مباشرة، وتضررت أبراج ذات العماد وغيرها من المباني الحيوية في قلب طرابلس.

في عصر يوم 13 مايو، جلت جولة ميدانية على رغم الأجواء المتوترة، ثم عدت مساءً للتحقق من مقر المؤسسة الليبية للتقنية وسلامته. كما زرت موقع معرض ليبيا بيلد الذي كان معرضًا على استحياء في شارع عمر المختار، وهو الذي سبق اشتباكات مساء 13 مايو التي خلفت دمارًا واسعًا.

وفي يوم 15 مايو خرجت في جولة أخرى إلى الشوارع الأكثر تضررًا، وكان المشهد صادمًا: خراب، وحرائق، ودمار، وإحباط يخيم على كل زاوية. كان الحزن يسيطر بصورة كاملة، والشعور العام هو فقدان الأمل.

بعد هذه الأحداث، اجتمعنا نحن إدارة المؤسسة وأعضاؤها “اجتماع ما بعد الصدمة”، يوم الجمعة 16 مايو 2025، في أحد المقاهي. كان النقاش مشوشًا، والذهول يخيّم على الجميع. لم يكن أحد يفهم أبعاد ما حدث ولا كيف يمكن تجاوزه.

وجاء يوم الأحد التالي أول يوم عمل في مقر المؤسسة بعد الأزمة. كان الحضور متواضعًا، لكن الأسئلة كانت كبرى:

· لدينا حدث ضخم اسمه اليوم الوطني لتقنية المعلومات بعد أسبوعين فقط، فهل يمكن إقامته في هذا الوضع؟ هل نؤجل الموعد؟ هل نخاطر بالمضي قدمًا وسط الخوف من تجدد الاشتباكات؟ ماذا لو ألغى فندق كورنثيا الحجوزات؟ ماذا لو انسحب الرعاة؟ ماذا لو فُرض حظر تجوال؟ وهل نلغي طرابلس ونستمر في باقي المدن؟

أكثر ما رسخ في ذهني كان سؤال أحد الإداريين: “احتمال كبير نخسروا”. وجاء ردي حاسمًا: “نحن لم نؤسس هذه المؤسسة لنربح”.

لحظة القرار

كان المشهد قاتمًا. الكساد يسيطر، والذهول يخيم، والنشاط الذي كان أشبه بخلية نحل تحوّل فجأة إلى ركود تام. كانت تجهيزات المدن والاحتفالات والمنتديات في مهب الريح:

  • منتدى حوكمة المعلوماتية
  • ملتقى الأمن السيبراني
  • قمة المطورين
  • وأكثر من 70 موقعًا في مدن ليبيا كان من المفترض أن تشارك في اليوم الوطني لتقنية المعلومات.

الرسالة التي غيّرت المسار

في صباح يوم الإثنين 19 مايو 2025، خرجت من منزلي عند التاسعة صباحًا مثقلًا بالمسؤولية. كنت أحتسي القهوة تلو الأخرى وأفكر بعمق: أنا رئيس مجلس الإدارة، المؤسس والمسؤول الأول أمام الداعمين والرعاة والمدن والفريق.

قررت أن أكتب بيانًا قصيرًا في مجموعة النقاشات العامة للمؤسسة. كنت أظن أن قراء الرسالة سيوقفونني، أو على الأقل سيدعونني للتريث. لكن ما حدث فاق كل التوقعات:

· تحرك فريق العمل كجيش كامل في ذات اليوم، والشركة المنفذة التي اتفقنا معها على تركيب 10 لافتات طرقية فوجئنا بها تعلق 24 لافتة في شوارع طرابلس بدافع الحماس. وأماكن إقامة الأحداث، وعلى رأسها فندق كورنثيا، فتحت أبوابها على رغم الظروف القاسية، والرعاة صدّقوا الشباب، ودعموا الاستمرار بثقة.

كانت تلك الرسالة القصيرة الشرارة التي أعادت الروح إلى مشروع وطني كاد أن يسقط تحت ثقل الظروف.

في كلمتي يوم الحدث 1-6-2025، قلت جملة لا أنساها:

“هؤلاء شباب لم يحملوا السلاح، بل حملوا أجهزة محمول وأجهزة ذكية، يحتفلون بالتقنية والوعي التقني بليبيا قاطبة”.

لقد كان قرار الاستمرار في تنظيم الحدث بمثابة استثمار في الأمل، في مواجهة مباشرة مع الإحباط الذي خلفته الأحداث. لم يكن خيارنا سهلًا، لكنه كان الخيار الصحيح المخاطر.

تجربة مايو 2025 لم تكن مجرد أزمة عابرة، بل كانت منعطفًا تاريخيًا في مسيرة المؤسسة الليبية للتقنية؛ أثبتت أننا قادرون على العمل حتى في أصعب الظروف، وأننا لسنا مجرد مؤسسة تقنية، بل حركة مجتمعية تبني الأمل وتعيد الثقة.

كانت ثقتي في الفريق غير محدودة، وكانت النتيجة حدثًا وطنيًّا تجاوز كونه احتفالًا تقنيًّا، ليصبح رسالة وطنية بأن ليبيا قادرة على الحياة، حتى في أحلك اللحظات.

مؤسسة التروس الذهبية

في المشهد المتقلب الذي يعيشه العمل المجتمعي في ليبيا، برزت المؤسسة الليبية للتقنية نموذجًا استثنائيًّا في ترابط الفرق وتكامل الجهود، ليس داخل بنيتها فقط، بل مع مختلف أصحاب المصلحة من مؤسسات حكومية وخاصة ومجتمع مدني. لقد استطاعت المؤسسة أن تُحوّل مفاهيم التعاون والعمل الجماعي إلى ممارسات يومية تُنتج أثرًا ملموسًا، وتبني نموذجًا جديدًا للتغيير المعرفي والتقني.

فلسفة الفريق المتكامل

منذ تأسيسها، تبنّت المؤسسة مفهوم الفريق بوصفه كيانًا مترابطًا يعمل كـ”تروس دقيقة” داخل ساعة واحدة. لا يقوم النجاح على شخص أو منصب، بل على تكامل الأدوار: من الإداري إلى التقني، ومن مدير المشاريع إلى مراجع السياسات، ومن المتدرب إلى المستشار القانوني. كل عضو في هذا الفريق يدرك أن مهمته، مهما بدت بسيطة، تُسهم في تشغيل منظومة أعقد مما يُرى على السطح. وتجلّى هذا التوازن في مشاريع متعددة تجاوزت الـ25 مشروعًا نشطًا طوال العام، يديرها طيف من المتخصصين والخبراء الذين باتوا يؤمنون بالقضية أكثر من الإطار الوظيفي.

شراكات تتوسع وتُحدث الأثر

ليس من السهل أن تعمل مؤسسة مجتمع مدني مع أكثر من 90 جهة، في حين أن وزارات وهيئات وشركات ومراكز وجمعيات، موجودة دون أن تكون ثقة متجذّرة وانضباط مؤسسي. هذه الشبكة من العلاقات لم تكن مجرد قائمة شركاء، بل كانت جسورًا حقيقية لتبادل المعرفة، وتطبيق الحلول التقنية، والاستجابة للتحديات الوطنية. من تدخلات إستراتيجية في تسعير خدمات الاتصالات، إلى مشاريع توعية في مجال الأمن السيبراني، وصولًا إلى برامج تأهيل وتدريب في أصعب البيئات، أثبتت المؤسسة أن الشراكات لا تُبنى على العقود فقط، بل على الرصيد المتراكم من المصداقية والثقة بإحراز الإنجاز، ليس الهدف المال أو الإستفادة المباشرة، إنما فائدة المجتمع بكل مستوياته.

من الفكرة إلى الفعل.. ومن الحلم إلى النظام

كان الحلم في بدايته “مؤسسة فكر وضغط من أجل الإصلاح”، ولكن ما تحقق في أربع سنوات مضنية هو “مؤسسة تنفيذ ومأسسة وقدوة وعمل”، إذ انتقلت الأفكار من ملفات مغلقة إلى سياسات ومبادرات فعلية، دعمت أكثر من 32 مؤسسة محلية، وأنتجت عشرات التقارير والمقترحات الفنية، وأسست لأطر إدارية ومالية مفتوحة المصدر تساعد غيرها من الكيانات على الاستدامة. هذا التحول لم يكن صدفة، بل كان نتاج تخطيط مستمر، وثقافة تقييم ذاتي، ومراجعة محاسبية سنوية، ونظام مالي لا يسمح بالتجاوز، وسياسة امتثال ومراجعة داخلية وتدقيق، ومكافحة فساد وتعارض مصالح، ما يدل على حوكمة داخلية نادرة في المشهد المحلي.

الاستدامة تبدأ من الداخل

ربما كان أكبر إنجاز للمؤسسة هو تكوين نظام مقاوم للانهيار، قابل للتكيف، مدعوم بكفاءات متجددة، يوازن بين العمل الميداني والرؤية الإستراتيجية؛ فالتوسع لم يكن هدفًا، بل نتيجة طبيعية لبيئة تؤمن بأن الوعي التقني حق، وأن الاستقرار يبدأ من المعرفة. من تدريب متواصل لفريق العمل والمتطوعين، إلى تطوير مستمر للأنظمة الأمنية والمعلوماتية، ومن ترسيخ مبدإ العمل الجماعي إلى تفعيل ممارسات الحوكمة، باتت المؤسسة اليوم أكثر من مجرد كيان؛ إنها بنية مجتمعية معرفية عابرة للتصنيفات، تضع التقنية في خدمة المجتمع، وتبني الثقة بين المواطن والنظام.

من التحدي إلى التمكين

إن تجربة المؤسسة الليبية للتقنية ليست قصة عن مشاريع فقط، وليست حدثًا يقام سنويًّا ونخلد إلى النوم، بل عن الجيوش ذات الكفاءات الفنية خلف المشاريع، والفريق خلف الإنجازات، والشبكة المعقدة خلف الفكرة. إنها قصة عن كيف يُبنى العمل الجماعي على قاعدة من الأمل، وعن كيف يمكن لمؤسسة واحدة أن تخلق فضاءً جديدًا من الوعي والمعرفة رغم كل العوائق. ولعل أجمل ما يمكن أن يُقال في هذه المرحلة، أن هذه المؤسسة لم تكن لتبقى وتكبر لولا هذا الترابط المتين بين فرقها، وتلك الثقة التي منحتها إياها الجهات الشريكة، وذاك الإيمان العميق بقضية “الوعي التقني للجميع”.

نحو بيت خبرة محلي وعالمي

فيما تواصل المؤسسة الليبية للتقنية تعزيز حضورها المؤسسي والتقني في الداخل، فإن رؤيتها المستقبلية تتجه نحو آفاق أوسع وأكثر تأثيرًا على المستويين الوطني والدولي، ففي صميم توجهاتها القادمة، تقف المشاركة الفاعلة في البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي، ليس عضوًا أو مساهمًا فحسب ، بل مساهم إستراتيجي في رسم معالم السياسات العامة للذكاء الاصطناعي في ليبيا؛ بحضورها جلسات محلية وأممية، بما يشمل الجوانب التقنية والأخلاقية والقانونية والتطبيقية. المؤسسة تسعى لتكون بيت خبرة تقنيًّا وطنيًّا مستقلًّا، يتمتع بسمعة مهنية تسمح له بأن يكون مرجعًا للمجتمع الليبي في قضايا التحول الرقمي، وأمن البيانات، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وبناء البنية التحتية للمعرفة. وتكمن إحدى مهامها المستقبلية الحيوية في التأثير في صناعة واقع تقني أكثر تطورًا والمساهمة فيه، بتوفير أوراق سياسات محكمة، ومراجعات نقدية للتشريعات، ومقترحات نابعة من أرض الواقع، مدعومة بخبرة تنفيذية حقيقية لا نظرية فقط.

وفي إطار تعزيز العدالة الرقمية، تواصل المؤسسة الضغط من أجل حماية الحقوق الرقمية للمجتمع الليبي، باعتبارها جزءًا من حقوق الإنسان المعاصرة، وهي تعمل على تطوير أدوات تضمن الخصوصية، وتحارب التمييز الرقمي، وتعزز الوصول الحر للمعلومة. ثم إن المؤسسة تأخذ على عاتقها تطوير منتدى حوكمة المعلوماتية، ليكون مظلة سنوية تضم كل أصحاب المصلحة من كل القطاعات: الحكومي، والخاص، والمدني، والأكاديمي، والإعلامي، ليكون المنتدى مساحة مفتوحة للحوار وصناعة القرار والمراجعة التقنية الشاملة.

ومن القضايا الناشئة التي تضعها المؤسسة في صلب أولوياتها أيضًا: قضية سلامة النشء والطفولة في الفضاء الرقمي، لذا فهي تسعى إلى إعداد مناهج توعوية ومهارية تستهدف الأطفال واليافعين وأولياء الأمور، تضمن لهم بيئة رقمية أكثر أمانًا، بعيدًا عن الابتزاز والتنمر والمحتوى المؤذي. وتعدّ هذه البرامج جزءًا من مسؤولية المؤسسة لضمان تنمية رقمية عادلة ومستدامة وشاملة.

الأمل يقودنا، والعمل يؤسسنا

في خضم كل ما تمر به ليبيا من تحديات وتحولات، تظل المؤسسة الليبية للتقنية شاهدًا حيًّا على أن الأمل لا يُصنع في المؤتمرات فقط، أو إطلاق المبادرات على ورق، أو التكريمات، بل يُبنى كل يوم في المكاتب البسيطة، وخلف أجهزة موبايل أو أجهزة محمولة، وفي العقول التي لا تستسلم، التي تعمل على مدار 24 ساعة دون وجود دوام ثابت، وفي الفرق التي تؤمن بأن التقنية ليست ترفًا، بل أداة للنهوض وحقًّا للجميع.

لقد أثبتنا بالمؤسسة، عن طريق مشروعاتها وشراكاتها وترابط فرقها، أن العمل الجماعي المدروس يمكن أن يصنع أثرًا يتجاوز التوقعات، ويصل إلى كل مؤسسة، وفيما تتجه أعين بعضهم إلى الخارج بحثًا عن الحل، تبني المؤسسة الليبية للتقنية نموذجًا داخليًّا قابلًا للتكرار، يستمد شرعيته من الأرض وليس من الفضاء “فضاء السوشيال ميديا”، ويستمد طاقته من قضية نؤمن بها جميعًا: “الوعي التقني للجميع”.

بخطى واثقة، وبعقول متفتحة، وبقلوب مؤمنة بما تفعل، تستعد المؤسسة لمرحلة جديدة من البناء والتأثير والتوسع، تُشكّل فيها بيت خبرة وطنيًّا ودوليًّا، وتدافع عن الحقوق الرقمية، وتصنع حوكمة للمعلوماتية بشراكة الجميع. نحن نستثمر في أملنا، ونحمد الله ونتوكل عليه.

رؤية المؤسسة نحو عام 2025 وما بعده: الحلم يصبح خطة، والخطة تتحول إلى واقع.

رؤية المؤسسة نحو عام 2025 وما بعده: الحلم يصبح خطة، والخطة تتحول إلى واقع.

عندما ننظر إلى مسيرتنا حتى الآن، نجد أنفسنا أمام لوحة متكاملة الألوان، مزيج من التحديات والإنجازات، الأخطاء والدروس، الطموحات والواقع. ومع دخولنا عامًا جديدًا، فإننا نفتح صفحة جديدة في كتاب المؤسسة الليبية للتقنية، صفحة تحمل عنوانًا رئيسيًا: “الاستدامة المؤسسية والرؤية الممتدة”.

لقد تعلمنا من تجاربنا السابقة أن العمل الحقيقي لا يكمن في عدد المشروعات المنجزة فقط، بل في قدرة المؤسسة على الاستمرار والتأثير على المدى الطويل. هدفنا في المرحلة القادمة هو ترسيخ مفهوم “المؤسسة التي لا تتوقف”؛ سنركز على بناء أنظمة تشغيلية مرنة، وخطط إستراتيجية مستدامة، وفرق عمل مدربة قادرة على التعامل مع متغيرات الزمن. هذه الرؤية تتطلب منا عملًا جادًّا على تطوير الأداء الداخلي وتحقيق التوازن بين الاحتياجات المحلية والتطلعات العالمية.

ليبيا بحاجة إلى تحول رقمي شامل، وهذه ليست مجرد فكرة نتداولها أو شعار نرفعه، بل حقيقة نسعى لتحقيقها. نؤمن أن هذا التحول يبدأ من المؤسسات الصغيرة والكبيرة، ثم يمتد ليصل إلى الأفراد والمجتمع كله. في هذا الإطار، نعمل بلا كلل لتعزيز شراكاتنا مع القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية. نحن نطمح إلى تقديم استشارات تقنية متخصصة تُحدث فرقًا حقيقيًّا، وإطلاق مبادرات مجتمعية تستهدف رفع الوعي الرقمي، وتمكين الناس من استخدام التقنية في تحسين حياتهم وأعمالهم.

في السنوات الماضية، كان التدريب محورًا رئيسيًّا في عملنا، ومع ذلك، لا يزال أمامنا الكثير لنقدمه. نطمح في المرحلة القادمة إلى بناء منظومة تدريبية أكثر تطورًا وشمولية.

التحديات التي تواجهنا ليست غريبة عنا. لقد أثبتنا قدرتنا على مواجهة العقبات وتجاوزها في أصعب الظروف. في المرحلة القادمة، سنعمل على تعزيز الثقة بين مختلف القطاعات والمجتمع، وسنحرص على مواجهة التغيرات السياسية والاقتصادية بمرونة وذكاء، مع الحفاظ على استقلالية المؤسسة وتطوير مصادر تمويل مستدامة، سيكونان في قلب إستراتيجيتنا لضمان استمرار العمل بنفس الزخم والقوة.

المؤسسة الليبية للتقنية ليست مجرد مبنى أو فريق عمل، إنها فكرة متجددة، ورؤية تكبر كل يوم، وأمل يشع في كل زاوية من وطننا. نعلم أن الطريق ليس سهلًا، لكنه مملوء بالفرص التي نستطيع استثمارها. نحن مستعدون للمرحلة القادمة بكل شغف وطاقة، وسنعمل بكل ما لدينا لنرتقي بمستوى التقنية والمجتمع في ليبيا.

كنا مع قدوة مؤسسات المجتمع المدني التي تسير بخطوات ثابتة نحو نمو متزايد، على رغم كل حقول الألغام التي نسير فيها، فإن القبض على جمرة الإرادة هو ما يجعلنا نستمر في هذا الاستمرار ونصنع الفرق الذي يصنع فرقًا.

حتى المقالة القادمة، هذا أمين صالح، العضو والعامل والمتخصص والمؤمن بالقضية، يتمنى لكم عامًا مملوءًا بالإنجازات والإبداع.

الإجراءات المحاسبية والمالية: ركيزة أساسية نحو الاستدامة المؤسسية

الإجراءات المحاسبية والمالية: ركيزة أساسية نحو الاستدامة المؤسسية

في كل عام، ومع نهاية دورة العمل السنوية، تقف المؤسسة الليبية للتقنية عند محطة مهمة تُعبر عن التزامنا بالمهنية والشفافية في كل ما نفعله. في هذه المحطة، نُعد حساباتنا الختامية بكل نزاهة ووضوح، في صورة توضح جهود فريق العمل، والتحديات التي واجهناها، وكيفية توجيه الموارد لتحقيق أهدافنا.

إن الالتزام بالمراجعة المالية السنوية ليس مجرد إجراء إداري، بل هو جزء من رؤيتنا المؤسسية. نطلب من المراجع الخارجي أن يجري فحصًا دقيقًا ومحايدًا لكل تفاصيل الحسابات، ليقدم لنا تقريرًا ماليًّا وفنيًّا شاملًا عن أبرز الأخطاء المحاسبية إن وجدت، وسبل تصحيحها. هذا التقرير لا يقف عند حدود الأرقام، بل يتعداها ليقدم توصيات حقيقية تُعرض على مجلس الأمناء؛ بهدف تحسين الأداء المالي وتعزيز كفاءة الصرف.

لا نكتفي بذلك. بل نعمل على تقديم صورة واضحة لداعمينا، وأعضاء المؤسسة ولجانها الإدارية، عن كيفية توجيه المصروفات وتفاصيل الصرف. نضع بين أيديهم ملفات تشرح طبيعة الإنفاق، مع التركيز على توزيع الموارد بما يحقق أقصى فائدة مجتمعية.

ومن منطلق حرصنا على العمل وفق أفضل المعايير، نضع قاعدة صارمة: ألا تتجاوز المصروفات التشغيلية نسبة 20% من إجمالي الميزانية. إن هذه السياسة لا تعبر عن حرصنا على كفاءة استخدام الموارد فقط، بل هي تأكيد على أننا نوجه جُل طاقتنا ومواردنا نحو المشروعات والأعمال التي تخدم أهداف المؤسسة ورسالتها.

كل مشروع ننفذه، وكل عمل نعمله، يكون وفق ميزانية مقترحة بعناية، وخطة عمل محكمة، وإستراتيجيات واضحة تهدف لتحقيق الأثر الأكبر بأقل تكلفة. هذا النهج يجعلنا أكثر قدرة على مواجهة التحديات، وأكثر استعدادًا للاستمرار بثقة واستدامة.

ما نفعله ليس مجرد إجراءات مالية، بل هو التزام مؤسسي وأخلاقي نحو مجتمعنا وشركائنا وأعضائنا. هذه الأعمال المتكاملة جعلت من المؤسسة الليبية للتقنية كيانًا أكثر رسوخًا ومهنية، ومثالًا يحتذى به في العمل المجتمعي والتقني.

إن المهنية ليست مجرد قيمة نؤمن بها، بل هي أسلوب حياة نتبعه في كل خطوة، فهي ليست ما يعزز الثقة بيننا وبين داعمينا فقط، بل ما يجعلنا جميعًا، فريقًا واحدًا، أكثر إيمانًا بقضيتنا وأهدافنا.

وحتى الخاطرة القادمة، أحييكم وأتمنى لكم المزيد من النجاح والإنجازات في أعمالكم ومساعيكم.

مساء يوم الجمعة لحظة خروجي من مكتب الأستاذ نجم الدين

مؤسسة الإدارة التقنية

إنها مؤسسة الإدارة التقنية، حيث تلتقي الفلسفة بفقه الواقع، وتمتزج الأحلام بالآمال لتشكل ملامح الغد. في هذا المكان، تتجسد الرؤية في العمل، ويصبح المستحيل مجرد تحدٍّ جديد.

ربما تبدو كلماتي واسعة أو مشحونة بالعاطفة، لكنها تأتي من تجربة عايشتها بكل تفاصيلها. أنتم تقرؤون هذه الأسطر، ونحن نعيشها أيامًا مملوءة بالأمل والتحديات، بالصعوبات والإنجازات، بالأحزان والنجاحات. ليست مجرد كلمات، بل هي نبض فريق يعمل بلا كلل.

إننا نسير بخطوات واثقة، لم نتعجل يومًا ولم نبحث عن shortcuts، ولم نبنِ نجاحاتنا على المصادفات أو التبعية. كل خطوة اتخذناها كانت مدروسة بعناية، وكل اختيار كان نتيجة تفكير عميق وتجربة حقيقية.

نحن نعمل في بيئة مملوءة بالتحديات، وكأننا نسير وسط حقل ألغام لا يهدأ، ومع ذلك، واجهناها بحكمة الجميع وجرأة بعضنا. ندرك أن الشجاعة وحدها لا تكفي؛ فالإصرار والتخطيط هما سر النجاح.

نسعى إلى أن نبقى على مسافة واحدة من الجميع. لا نصنف أنفسنا على أننا حكوميون أو تجاريون أو شعبيون، بل نعدّ أنفسنا مؤسسة مجتمعية معرفية، تهدف إلى رفع الوعي وتقديم الدعم. نحاول بصدق أن نُبقى هذا الضوء الذي يمنح الأمل للجميع.

حققنا الكثير، لكن لا شيء جاء بمحض الصدفة. خطط واجتماعات وتعاونات، أفكار واتفاقيات، سياسات واقتراحات، كلها كانت جزءًا من رحلتنا. ما تراه اليوم من نجاحات هو نتاج أكثر من 1562 يومًا من العمل المتواصل. أربع سنوات مضت، صارت فيها المؤسسة الليبية للتقنية اسمًا لا يمكن تجاوزه في مجال تقنية المعلومات والتحول الرقمي.

على رغم التحديات، كنا الرقم الصعب في ليبيا.

• قدمنا نموذجًا مشرفًا في تقارير ديوان المحاسبة.

• دعمنا المعارض والمؤتمرات والأحداث التوعوية.

• كنا الوجهة الأولى للمنظمات العالمية في مجال تقنية المعلومات داخل ليبيا.

• أثرينا القوانين بتعديلات وملاحظات، وأثبتنا صرامة في تقويم التقنية.

نؤمن بأن العمل المؤسسي لا ينحصر في حل المشكلات اليومية، بل في البحث المستمر عن جذورها ومشاركة الجميع في حلها. بنينا نظامًا صُمّم ليقاوم الانهيار، ليواجه الأخطاء، ويعيد صياغة الحلول.

نحن أكثر من مجرد مؤسسة:

• ندعم 32 مؤسسة محلية.

• نمتلك شراكات متينة.

• نقدم تقارير فنية بالمئات.

• تركنا بصمة واضحة في التشريع الليبي.

• صار لنا صدى محلي ودولي.

خلاصة القول:

#المؤسسة_الليبية_للتقنية ليست مجرد كيان إداري، إنها فكرة، وهدف، ورؤية، وأشخاص ملؤهم الطموح. إنها قصة كُتبت بالعمل، وأُثريت بالصعوبات، وما زالت تُبنى كل يوم.

هكذا نعيش، وهكذا نعمل. قد تكون الكلمات لا تكفي لتفسير ما نفعله، لكنها كافية لتلمس روح ما نسعى إليه.

هذه ليست مؤسسة أمين صالح

المؤسسة التي لا تنهار

بناء المؤسسة التي لا تنهار.. بناء مؤسسة تتوسع وتفيد وتستفيد لكافة أصحاب المصلحة.. بناء القيادات، والأنظمة واللوائح والنظام. بناء مجتمع واعٍ تقنيًّا.

هذه بعض من كلماتي اليومية لفريق العمل، حتى لو لم أكن في مقر #المؤسسة_الليبية_للتقنية

وعندما أقول فريق عمل فهو فريق عمل فعلًا، كل منهم يعمل ويركز في مهمته المحددة وبكل تفانٍ وحب.

كلكم تروس، وكل منكم يعمل في مهمة دقيقة تجعل الترس الذي يليه يعمل، ومهما كان الحجم فالساعة الظاهرة أمام الجمهور هي ثلاثة عقارب و 12 عددًا، في حين أن عدد التروس بالعشرات وبأحجام مختلفة وسرعات مختلفة؛ والنتيجة القراءة الدقيقة للوقت واليقين بالزمن الذي مضى، كلكم بلا استثناء، من الإداري إلى الفني والمهندس والعمليات ومدير المشروعات وصائغ المقترحات والمراجع اللغوي والعلاقات العامة.. والأجنحة المتمكنة من فريق من المستشارين القانونيين والمحاسبين والخبراء في المجال.

الحمد لله، وهذا توفيق من عند الله، أن أرى عشرات المشروعات والأعمال والشخصيات تعمل، ليس من أجل شخص أو مال أو تربح أو سلطة، إنما من أجل قضية.. قد لا نكون قد وصلنا إلى الأفضل، وليس هذا هدفنا النهائي، ولكننا نسير بخطوات ثابتة وواثقة ومتسارعة إلى أهداف كثيرة، بإستراتيجيات واضحة وخطط واستشارات حكيمة.

أحدثكم بكل فخر وسعادة تفاؤل: إننا نفعل الكثير، وسنفعل الكثير، وعلى سبيل المثال لا الحصر: أنشأنا موقعًا إلكترونيًّا ليكون من أكثر المواقع الليبية في المعلوماتية، ووضوح الهدف، والتعريف، والعمل. نساعد أكثر من 88 شركة ومؤسسة ووزارة وهيئة في أعمال كثيرة، وجلها دعم منا وعلى نحو وطني، ونطور الأعمال لتكوين الاستدامة فيها.. وسيصدر في غضون أيام وتباعًا سياسات ولوائح إدارية ومالية مفتوحة المصادر قابلة للتعديل عن كيفية إدارة مؤسسة أو شركة، إضافة إلى أننا ندعم 32 مؤسسة مجتمعية تقنيًّا، ونوفر المناخ المناسب لمتدربين على الأعمال المهنية، خرّجْنا منهم 10 في 2024، وساعدنا 5 طلبة في مشروعات التخرج في مجال تقنية المعلومات والأمن السيبراني، وأقفلنا حساباتنا الختامية وبجرد تام ومحاسبة بتاريخ 1-1 وأنظمة حوكمة دقيقة، وكنا قدوة لمنظمات المجتمع المحلية في كيفية العمل المهني الاحترافي. العالم يرانا. والشركات ومؤسسات التقنية المحلية ترى الأعمال وصخبها.

نفخر بفريقنا وداعمينا وقضيتنا، فالمسيرة طويلة والأعداء كثر، والإصلاح ليس رفاهية أو مطلبًا، بل هو ضرورة.

إنها قضية ووطن، بل إنها قضية وطنية “الوعي التقني للجميع”، وكل الموجودين بالفريق بالعشرات مؤمنين بالقضية، وحتى مقترحات المشاريع صارت تصدر منهم، وأنا أتنازل في كثير من النقاشات عن مكانة القيادة لأكون ضمن صفوف مديري المشروعات، وأكون طرفًا في العمليات الميدانية.

إذا كان بعض الفارغين يصدرون ضجيجًا على وسائل التواصل الاجتماعي، ويبثون من الفضاء أو من أجهزة وخوادم في اللامكان، فالمؤسسة الليبية للتقنية بكامل فريقها وقوتها وأعمالها ومكانتها وشبكة علاقاتها وداعميها.. تبث من على الأرض. نحن هنا، وأقدامنا ثابتة على الأرض، وأهدافنا في السحاب، ومعنوياتنا تعانق السماء.

أحببت أن تكون هذه كلمات بداية مرحلة جديدة لأداء مهني مؤسسي احترافي أعلى.

شكر خاص للجميع.. المتابعين والمحبين والأصدقاء والداعمين والأعضاء والأعداء، وبالأخص الأعداء؛ فمن دونكم لما تجمعنا.

أول شهادة إمتثال لسياسات تقنية المعلومات في ليبيا

في عودة لطرح أدبيات المؤسسة وفريقها وإدارتها وأفكارهم في شهر التوعية بالأمن السيبراني من كل عام “شهر أكتوبر”، فإننا نحاول باستمرار أخذ زمام المبادرة، والتطلّع دائمًا نحو شق طريق جديد وفق ما هو متاح وفي ظل حدود إمكانياتنا. وعلى هذا الأساس، وفي ظل تصاعد الهجمات السيبرانية على ليبيا في السنوات الأخيرة، وجدنا أن الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات –NISSA LIBYA– أصدرت سياساتها العامة والإرشادية منذ ما يقارب ست سنوات، إضافة إلى إصدارها الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في فبراير 2023.

هنا اشتعلت “لمبة” الفكرة. ولما أن الكثير من السياسات والإستراتيجيات غير مفعّلة في ليبيا وهي حبيسة الأدراج المغلقة والخزائن، وفي نوع من الريادة والسبق، أخذنا في شهر مايو 2023 زمام البدء في العمل ومحاولة الالتزام بالمعايير والسياسات الوطنية. وسأصدقكم القول: الرحلة من مايو 2023 عند وصول أول استبيان حتى شهر مارس 2024 كانت صعبة ومؤلمة ومتعبة ومكلفة جدًّا جدًّا جدًّا.

وبالإشارة إلى النقطة التي تنص على أن من مهام إستراتيجية الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات العمل على التوعية بكل السبل، ومن فكرتي أن نكون قدوة ونفعّل السياسات، وأن نرى شهادة امتثال ليبية، فقد طلبنا العون من كل الشركات الخاصة الداعمة للمؤسسة.

واجهتنا المشكلات واستطعنا حلها أسرع مما كنا نتوقع، وهو ما كان صدمة لنا وزاد ثقتنا في بلوغ الهدف.

طلبت منا الهيئة في استبياناتها وسياساتها وفريقها توعية الموظفين، ووجدنا أن شركة Libyan Spider تقدّم برنامجًا توعويًا خاصًّا بشركة Kaspersky، مدفوعًا من طرفهم لنا في صورة دعم عيني.

طُلب منا أن يكون لدينا Local Backup، وكانت شركة نظم التقنية الحديثة MST في الموعد بتزويدنا بمعدات وسيرفرات مخصّصة. طُلب منا إنترنت آمن ومخصص وسماحية وصول وأجهزة تأمين الولوج إلى الإنترنت، وقد كان ذلك من الحداثة العالمية للاتصالات وتقنية المعلومات.

أما ما قصّر المسافات على نحو كبير ووفر التكلفة فهو الباقة الخاصة بمايكروسوفت M365، التي قدّمت لنا منذ سنوات عدة مجانًا، وهي تساوي الكثير دعمًا من مايكروسوفت. وهنا طلبنا من متخصصين في الحلول التقنية والأمنية لمايكروسوفت، وهي شركة تزامن للحلول المتكاملة، وبالفعل كان ذلك، فقد سخّر فريقهم وقته وجهده لتقديم حلول منع فقدان البيانات (DLP) وسياسات الخصوصية وتحليل الأنظمة وملكية الأجهزة وتأمين هوية المستخدمين، والكثير من القيود التي رفعت مؤشر أمن المعلومات من 40% في حالتنا الطبيعية إلى 72%، وهو الأعلى. وقد سبب ذلك بعض الانزعاج ومقاومة التغيير من الموظفين والأعضاء، لكنهم كانوا على قدر المسؤولية والعمل.

الكثير من العمل والمهام والتوصيات والأخطاء –من lock screen بزمن أكثر من ساعة، التي لا يجب أن تكون كذلك، فاحتُسبت علينا كخطإ– مرورًا بـ Encrypt Backup، وصولًا إلى صلاحيات المدير والمستخدم وadmin، والمطبوعات الورقية، وتأمين المستندات الحساسة، وbackup في مكان آخر.

يرى بعضهم أن أن ما فعلناه مجرد عملية صورية لغرض التسويق والبهرجة. لا يا عزيزي، هذا عمل أكثر من 40–50 مهندسًا ومتخصصًا وفنيًّا وعضوًا ومستشارًا، وقد جرى تدقيقه في كتيّب يحتوي أكثر من 300 صفحة من الهيئة، مع إرسال موظفين رفضوا حتى شرب القهوة لدينا أو قبول ضيافة روتينية.

أذكر أن إحدى الجلسات طُلب مني الخروج من المقر حتى يُسأل الموظفون والأعضاء عن سير العمل، ليطابقوا ما ندّعيه بما هو مكتوب ومقدّم. كانت حادثة أشبه بالاستجواب (هههه).

حتى اليوم نحدّث أنظمتنا يوميًّا ونستعد لأي زيارة مفاجئة من فريق الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات، فقد نبهونا أن صلاحية هذه الشهادة في حالتنا هي ثلاث سنوات، قابلة للكسر أو فقدان السريان في حالة زيارتهم لنا ووجود أي خلل أو خرق للسياسات المقدّمة.

لا توجد لدينا كلمة مرور عادية.

لا يوجد لدينا برنامج مقرصن، ولا يُسمح بدخول أي تطبيق مشبوه.

نحاول تأمين أجهزتنا بأحدث الإصدارات.

نحاول الالتزام بأعلى المعايير.

كلامي لا يعني أننا معصومون من الاختراق أو الضرر أو تلف البيانات أو توقف الخدمة، ولكننا نرجو أن نكون قد ارتقينا لننفّذ أعلى معايير كتيب سياسات الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات، وأن تحذو العديد من المؤسسات والشركات حذونا في هذا المسار.

لا تتوقعوا أن كلمة “أمن المعلومات” كلمة بسيطة أو رخيصة، أو أن البرمجيات سهلة التنفيذ، أو أن توعية الموظفين –من أبسط موظف إلى أعلى السلم الإداري– أمر هيّن؛ فهي مكلفة جدًّا جدًّا، وما كان وصولنا إلى هذا المستوى إلا بتوفيق من الله، وعون العديد من الداعمين والشركاء والأعضاء.

النجاح المحقّق مُرضٍ، والاستمرار فيه يكلّفنا نحن وشركاءنا يوميًّا الكثير من الوقت في الاطّلاع والتحديثات، وشراء المعدات وتطوير البرمجيات والأساليب.

كانت هذه أدبيات بسيطة في رحلة وحدة تقنية المعلومات في المؤسسة الليبية للتقنية.

وحتى المقالة القادمة، أحييكم وأتمنى لكم التوفيق جميعًا في هذه الأعمال وغيرها، كلٌّ في مجاله

المؤسسة الفكر: من الفكرة إلى التنفيذ

كثيرًا ما أفكّر وأتساءل: ما أعظم إنجاز يمكن تقديمه؟ هذا سؤال جعلنا نتريّث أشهرًا عند تأسيسنا للمنظمة في 25-8-2020. كيف يجب أن ننتقل من مجرد جمعية أو منظمة أو مؤسسة أو كيان تقليدي إلى شيء يستمر ويقدّم ما هو غير مسبوق، وأن نكون –كما يقال بالإنجليزية – .Game changer

في رحلة الإجابة عن هذا السؤال استمر العمل الداخلي وتكوين ما أسميه “المنظمة التقنية الفكر”. خمسة أشهر من التخطيط والتفكير والكتابة من “أنظمة داخلية ولوائح وأهداف وخطط وقاعدة شركاء وداعمين”، وقد شارف شهر فبراير من عام 2021 على النهاية، ولا يوجد من معالم المؤسسة التي يصبو إليها العشرات إلا الفكر والفكرة والأفكار وكثير من التفكير. وفي لحظة توفيق كنت مستعدًا للرد على الهاتف في مساء اعتبرته الأكثر إحباطًا وحزنًا، من شخص أسميه “الداعم الملائكي”، فهو لا يعرف أنه داعم وصديق وعون لي. سألني قائلًا: “أمين، شكلك تعبت، هانت وفرجت، وبعون الله تستقر البلاد الفترة القادمة وتقدر تحقق الكثير في بيئة الاستقرار. اهتم بنفسك، سلام”.

انطلقت وكونت مقترحات وتحولت من “المؤسسة الفكر” إلى “مؤسسة تنفيذ الأفكار”… مؤسسة تسريع العمل… العمل المتواصل…

في الرحلة إلى ما وصلنا له اليوم، مررنا بالكثير من العقبات والأحداث النضالية والصعوبات والتحديات والتضحيات، ونضجت الأفكار لتصبح مقولة: “إن تغلبنا على المشكلة فقد زادت من رصيدنا، وإن تغلبت علينا المشكلة يكفينا شرف المحاولة، وأن نخطو خطوات لم يخطُها أحد من قبل في ليبيا. في هذه الطريق نتعلم ويزيد الرصيد”.

أن تكون فجأة رئيس مجلس إدارة مؤسسة مجتمع مدني “كل تمويلها محلي” وجل مصروفاتها التشغيلية من دعم نقدي غير مشروط “محلي أيضًا”، كان سابقة في وقت كانت فيه الجمعيات تتقاتل من أجل الدعم والتمويل الأجنبي بالدولار واليورو. وكما يقول إخوتنا في مصر: “أعمل إيه؟”.

أصبحنا نفكر في خطط وإستراتيجيات وأعمال تُنفّذ، ومشروعات تعمل ومشروعات تتوقف. أجمع الخبراء والمتخصصين، وواجهتنا مشكلات مالية على الدوام: كيف سندفع كل هذا؟ مصاريف الخبراء والموظفين والإيجارات والمعدات. لا نستطيع الاعتماد على التطوع دائمًا، فهو مقتل عشرات المؤسسات التي كانت فاعلة في حينها، ولا نستطيع الدفع على الدوام، فحينها نفقد “المؤسسة الفكر”.

جاءت الفكرة: يجب أن نبيع تنفيذ أفكارنا، وأن نكون الطرف المهم الذي لن يتخلى عنه الداعمون أو المجتمع أو الأجهزة والهيئات الحكومية.

فأصبحت الكلمة المتداولة لي في المقر والاجتماعات: “يا سادة، نحن مستمرون بالقدر الذي نحقق به فائدة للمجتمع… أيا كانت هذه الفائدة، سواء خدمات أو سياسات أو مواجهات من أجل الجمهور، أو تمثيل، أو مساهمة، أو دعم، أو احتفال، أو نشاط”.

وتحضرني حادثة في أواخر 2021 عندما قررت شركة “هاتف ليبيا” زيادة أسعار تأجير الكوابل (الألياف البصرية) لتصبح بدل المسافة إلى السعة، وهو ما قد يسبب زيادة في الأسعار من 10 إلى 100 ضعف؛ وهذا سيكون كارثة على كل الشركات الخاصة والعامة، ومن ثم زيادة الأسعار على المواطنين.

تدخلت أنا ومعي عدد من الخبراء بإحضار كافة شركات القطاع الخاص، لتكوين تقرير أشبه بالعريضة لإقناع كل من #هاتف_ليبيا و#القابضة_للاتصالات، ليأتي الرد من أعلى هرم الاتصالات باستثناء القطاع الخاص من قائمة أسعار الـMPLS، وليكون إنجازًا آخر يُضاف إلى رصيدنا، فلن تُرفع الأسعار على المواطنين أو الشركات.

هنا تطورت أفكار بقاء هذا الجسم لتصبح: “هيا بنا نحقق الكثير من الإنجازات التي تصبح رصيدًا، وأن تصبح حاجة المجتمع لنا بثقته في رصيدنا”.

مرت الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات، ونحن على مقربة من السنوية الرابعة، لأجد المؤسسة ومحركاتها تعمل على مدار 24 ساعة، سواء بالعمل من المنزل أو التدريب أو الخدمات أو الاجتماعات أو اللقاءات أو الأحداث أو المراجعات أو اتخاذ القرارات أو المشاركة في القرار، من ناحية .Civil Society

وبما أن أعظم إنجاز يمكن تحقيقه هو “نقل المعرفة”، فقد دربنا في هذا العام 9 أشخاص على آخر ما توصل إليه العالم في الأدوات التقنية، وعمل الإدارات، والجودة، والمهارات الشخصية، والاستشارات الفنية؛ ليكونوا مدرَّبين على العمل في أصعب الظروف، مسلحين بأقوى المهارات اليومية.

وجدت أن المؤسسات والشركات لا تسمح للخريجين بالتدرب لديها، فهي تريد موظفًا جاهزًا. أما هنا فيستطيع الموظف أن يعمل في بيئة الإنتاج دون أن يضرّنا، فخرجت منا كلمة عفوية: “ليش لا؟”.

إلى هنا أكون قد لخّصت جزءًا –ولو بسيطًا– في مساء الخميس، في الحلقة الثانية من أدبيات المؤسسة الليبية للتقنية بعنوان: “المؤسسة الفكر”.

وحتى الحلقة القادمة والخاطرة القادمة من هذه الأدبيات… هذا أمين صالح يتمنى لكم أوقاتًا طيبة.

#أدبيات_المؤسسة_الليبية_للتقنية

خطوات ثابتة في طريق المهنية والنزاهة

محتاج أن أوضح شيئًا مهمًّا جدًّا.. عبر سنوات عدة، ونحن نتكلم اليوم عن قرابة تسع سنوات، كنت أسير بخطوات ثابتة في اتجاه واضح جدًّا لي. إن أهدافي وطموحاتي شيء مقدّس عندي، واستعانتي بالله، وبما لدي من معلومات وأفكار وطرق وحكمة، إلى جانب الكثير مما تعلمته من المهنية، وجيش من المستشارين الذين لم يتقاضوا مني دينارًا واحدًا.

أسير بخطوات ثابتة في مسار المهنية وبكل أخلاق، ولم يثبت عني أنني اختلست أو نصبت أو تلاعبت أو كذبت. كثيرة هي الشائعات وأحاديث الناس، ولكن لا يبقى إلا العمل وإخلاص النية. ومن كان يتحدث فقد سكت أو استحيى أو أثبت أنه مخطئ. ورغم كل الظروف سأستمر.

في الأشهر الماضية وجدت قرص ذاكرة خارجي لم أشغّله منذ 2015، وهي السنة التي أعدّها أكثر سنوات حياتي إحباطًا. كتبت فيه ملف Word باسم “الهدف: المؤسسة الليبية للتقنية”، مؤسسة مجتمعية ضخمة تضم الكفاءات والخبرات وتُبنى على نحو منهجي ومؤسسي، وبها كادر وظيفي ومشروعات وأعمال ومهام. لم أتمكّن من فتح الملف خوفًا من أن أكون مقصّرًا تجاه هدف ضخم. ولكن الحمد لله على ما تم وما سيتم.

أنا فخور بما حققت حتى الآن، وكثيرة هي الأخطاء حتى الوصول إلى هذه المرحلة، والقادم أفضل بإذن الله. فقد تعلمت بعض دروس الدبلوماسية والتفكير بتجرّد، والكثير من التضحيات، وتكوين علاقات متجددة حتى مع التغييرات الدائمة في ليبيا، وأن أكون مصدرًا للتغيير حتى لو لم أستطع تغيير نفسي.

وراء كل المنشورات والأعمال الكثير من الكدّ والعرق والجهد والمال والتضحية والألم وفقدان بعض الصحة. تهديدات ووعيد وخسائر وفقدان أصدقاء وانزعاج. مررت بالكثير من الظروف والمعضلات والمآسي التي أسجّلها في ذاكرة حديدية وأماكن آمنة.

عروض عمل سخية، وعقود، ووظائف، ومنح، ورشاوى، ووتجاوزات. وبتوفيق من عند الله فقد سلّم الله في كل ما مررت به، وكأنني من يقبض على جمر.

اليوم، أحد المسؤولين قال لي: “باستطاعتنا أن نقول إنك مزعج وغير ملائم لنا ولا تفقه في أفكارنا وإدارتنا الليبية، ولكنك فنيّ مهنيّ ونظيف اليد، وتُدقّق في ميزانياتك وحساباتك بدقة، وكل دينار يُقدَّم لك تستطيع أن تجعله عشرة دنانير تُصرف من أجل المجتمع”. هذه رسالة طيبة وصلتني منه أنقلها لفريقي في #المؤسسة_الليبية_للتقنية.

بالأمس كنت أشرح لمتدربي Internship أو التدريب الداخلي المهني، أن ما أعمل فيه هو أقرب إلى ما يسمى Technology Management أو إدارة التقنية، فلست مضطرًا إلى أن أكون خبيرًا تقنيًّا في قواعد البيانات أو الشبكات أو أمن المعلومات، ولكنني أستطيع التحدث بلغة التقنية في إدارتها، وأولوياتها وأفضل ممارساتها واستخداماتها.

وراء الكثير من المنشورات والأعمال مواطن ليبي يسير في أرض مملوءة بالألغام، ومخاطر الوقوع في المحاباة والتجاوزات والطمع والجشع من إدارات وهيئات ووزارات.

إن كل هذه الإنجازات والأعمال ليست وليدة المصادفة أو الحظ، ومن يقول إنها وليدة مصادفة أحب أن أقول له إنها وليدة الاستيقاظ مبكرًا، والنوم متأخرًا، والضغط على الصحة، والاستنزاف المالي والمعنوي.

يوميًّا أواجه ما لا يقل عن ثلاث مُحبِطات أو مطبّات، لا سيما يوم الأحد، وأتذكر باستمرار جملة: “اعتبر أن المنظمة أُسِّست بالأمس، وانظر إلى الرصيد المحقق وابدأ منه.”

قد لا يكون في المؤسسة الكثير من النشاطات الظاهرة للجمهور، ولكن يكفي أن أقول لكم إنها مؤسسة تتعاون مع أكثر من 20 مؤسسة وهيئة وشركة حكومية، وأكثر من 30 شركة خاصة، وبالتعاون مع 75 خبيرًا، وكادر وظيفي يتجاوز عشرة موظفين ومديرين، وجيش من المستشارين، في أكثر من 17 مشروعًا قائمًا.

لسنا في مواجهة مع أحد، ولا نرغب في المواجهة، ولسنا في مواجهة مع شركة أو هيئة أو وزارة أو إدارة أو قطاع. دورنا في العمل يُسمى الدور المجتمعي Civil Society، حتى وإن كان المصطلح مشوَّهًا محليًّا، ولكننا كنا الاستثناء الذي أكّد القاعدة.

دورنا هو دور مكمّل، استشاري، توعوي، متابع، ضاغط، نعمل بكل السبل المشروعة قانونًا لتحسين المجتمع وفق اجتهادنا.

وقد تكون مفاجأة لكم أن أقول إن أكثر الداعمين لنا هم من وقفوا ضدنا، فعندما وقفوا ضدنا جعلوا بؤرة الضوء مركّزة علينا، وهم من أعطوا للقضية معنًى.

شكر خاص لكل داعم وفاعل خير ومتعاون في الخفاء، ولكل من كان عونًا.

وحتى خاطرة أخرى في #أدبيات_المؤسسة_الليبية_للتقنية، هذا أمين يتمنى لكم أوقاتًا طيبة.