خطوات ثابتة في طريق المهنية والنزاهة
محتاج أن أوضح شيئًا مهمًّا جدًّا.. عبر سنوات عدة، ونحن نتكلم اليوم عن قرابة تسع سنوات، كنت أسير بخطوات ثابتة في اتجاه واضح جدًّا لي. إن أهدافي وطموحاتي شيء مقدّس عندي، واستعانتي بالله، وبما لدي من معلومات وأفكار وطرق وحكمة، إلى جانب الكثير مما تعلمته من المهنية، وجيش من المستشارين الذين لم يتقاضوا مني دينارًا واحدًا.
أسير بخطوات ثابتة في مسار المهنية وبكل أخلاق، ولم يثبت عني أنني اختلست أو نصبت أو تلاعبت أو كذبت. كثيرة هي الشائعات وأحاديث الناس، ولكن لا يبقى إلا العمل وإخلاص النية. ومن كان يتحدث فقد سكت أو استحيى أو أثبت أنه مخطئ. ورغم كل الظروف سأستمر.
في الأشهر الماضية وجدت قرص ذاكرة خارجي لم أشغّله منذ 2015، وهي السنة التي أعدّها أكثر سنوات حياتي إحباطًا. كتبت فيه ملف Word باسم “الهدف: المؤسسة الليبية للتقنية”، مؤسسة مجتمعية ضخمة تضم الكفاءات والخبرات وتُبنى على نحو منهجي ومؤسسي، وبها كادر وظيفي ومشروعات وأعمال ومهام. لم أتمكّن من فتح الملف خوفًا من أن أكون مقصّرًا تجاه هدف ضخم. ولكن الحمد لله على ما تم وما سيتم.
أنا فخور بما حققت حتى الآن، وكثيرة هي الأخطاء حتى الوصول إلى هذه المرحلة، والقادم أفضل بإذن الله. فقد تعلمت بعض دروس الدبلوماسية والتفكير بتجرّد، والكثير من التضحيات، وتكوين علاقات متجددة حتى مع التغييرات الدائمة في ليبيا، وأن أكون مصدرًا للتغيير حتى لو لم أستطع تغيير نفسي.
وراء كل المنشورات والأعمال الكثير من الكدّ والعرق والجهد والمال والتضحية والألم وفقدان بعض الصحة. تهديدات ووعيد وخسائر وفقدان أصدقاء وانزعاج. مررت بالكثير من الظروف والمعضلات والمآسي التي أسجّلها في ذاكرة حديدية وأماكن آمنة.
عروض عمل سخية، وعقود، ووظائف، ومنح، ورشاوى، ووتجاوزات. وبتوفيق من عند الله فقد سلّم الله في كل ما مررت به، وكأنني من يقبض على جمر.
اليوم، أحد المسؤولين قال لي: “باستطاعتنا أن نقول إنك مزعج وغير ملائم لنا ولا تفقه في أفكارنا وإدارتنا الليبية، ولكنك فنيّ مهنيّ ونظيف اليد، وتُدقّق في ميزانياتك وحساباتك بدقة، وكل دينار يُقدَّم لك تستطيع أن تجعله عشرة دنانير تُصرف من أجل المجتمع”. هذه رسالة طيبة وصلتني منه أنقلها لفريقي في #المؤسسة_الليبية_للتقنية.
بالأمس كنت أشرح لمتدربي Internship أو التدريب الداخلي المهني، أن ما أعمل فيه هو أقرب إلى ما يسمى Technology Management أو إدارة التقنية، فلست مضطرًا إلى أن أكون خبيرًا تقنيًّا في قواعد البيانات أو الشبكات أو أمن المعلومات، ولكنني أستطيع التحدث بلغة التقنية في إدارتها، وأولوياتها وأفضل ممارساتها واستخداماتها.
وراء الكثير من المنشورات والأعمال مواطن ليبي يسير في أرض مملوءة بالألغام، ومخاطر الوقوع في المحاباة والتجاوزات والطمع والجشع من إدارات وهيئات ووزارات.
إن كل هذه الإنجازات والأعمال ليست وليدة المصادفة أو الحظ، ومن يقول إنها وليدة مصادفة أحب أن أقول له إنها وليدة الاستيقاظ مبكرًا، والنوم متأخرًا، والضغط على الصحة، والاستنزاف المالي والمعنوي.
يوميًّا أواجه ما لا يقل عن ثلاث مُحبِطات أو مطبّات، لا سيما يوم الأحد، وأتذكر باستمرار جملة: “اعتبر أن المنظمة أُسِّست بالأمس، وانظر إلى الرصيد المحقق وابدأ منه.”
قد لا يكون في المؤسسة الكثير من النشاطات الظاهرة للجمهور، ولكن يكفي أن أقول لكم إنها مؤسسة تتعاون مع أكثر من 20 مؤسسة وهيئة وشركة حكومية، وأكثر من 30 شركة خاصة، وبالتعاون مع 75 خبيرًا، وكادر وظيفي يتجاوز عشرة موظفين ومديرين، وجيش من المستشارين، في أكثر من 17 مشروعًا قائمًا.
لسنا في مواجهة مع أحد، ولا نرغب في المواجهة، ولسنا في مواجهة مع شركة أو هيئة أو وزارة أو إدارة أو قطاع. دورنا في العمل يُسمى الدور المجتمعي Civil Society، حتى وإن كان المصطلح مشوَّهًا محليًّا، ولكننا كنا الاستثناء الذي أكّد القاعدة.
دورنا هو دور مكمّل، استشاري، توعوي، متابع، ضاغط، نعمل بكل السبل المشروعة قانونًا لتحسين المجتمع وفق اجتهادنا.
وقد تكون مفاجأة لكم أن أقول إن أكثر الداعمين لنا هم من وقفوا ضدنا، فعندما وقفوا ضدنا جعلوا بؤرة الضوء مركّزة علينا، وهم من أعطوا للقضية معنًى.
شكر خاص لكل داعم وفاعل خير ومتعاون في الخفاء، ولكل من كان عونًا.
وحتى خاطرة أخرى في #أدبيات_المؤسسة_الليبية_للتقنية، هذا أمين يتمنى لكم أوقاتًا طيبة.